ويختتم الرسالة بتصوير نهائي للموقف من القتال، فيقول: "فإن أبطأ العدو عن النجدة فالنصر سريع، والحصن ومن فيه صريع، والقلوب وارفة بحصول النجح، وقد علم كل منا أن متجره قد فاز بالربح، فما يسمع منا بحمد الله ملل ولا ضجر، ولا تسفر هذه النوبة إلا عن نجح وظفر1.
يبدأ القاضي الفاضل رسالته الثالثة بمقدمة قصيرة، وهى:"أدام الله أيام المجلس، ولازالت مناقبه لزهر السماء مخجلة، ومكارمه في درجات المحامد متوغلة، وفواضله على أوليائه مفضلة، وسطواته بأعدائه منكلة "2.
ثم يصف عمل المجانيق في الحصن في أسلوب من الجناس هكذا:"هدمت وهدت، وشدخت وسدت، ورضخت ورضت، وقوضت وأفضت، وقدحت وفدحت، ومحقت ومحت "3.
ويضيف وصفا تفصيلياً لما أصاب الأعداء في أثناء تهدم الحصن، إذ يقول:"قد جمعت الحجارة في الإسقاط بين رؤوس الأبراج، ورؤوس الأعلاج، فرمت الشرار في الواقفين عليها لحمايتها، وأرت الفرنج باهتدائها إلى إرادتها غاية غوايتها، فما أخرج أحد منهم رأساً إلا دخل في عينه نصل، وما هجر قراب الإسلام سيف إلا وله مع رقاب الكفر عند قطعها وصل، وما على الحجر في الإسراف والتبذير حجر، والكل ليله من نقع الحوافر من سناء الأسنة فجر، ولقد أخذنا من القوم بالمخنق، وشرعنا في طم الخندق4.
والنصر أشهر من نار على علم ... والحرب أقوم من ساق على قدم
والقلعة سماء تمطر بحجارتها، وترمى شياطينها رجوم قوارير5 النفط بشرارها6.
لم ترد الرسائل السالفة في المصادر التاريخية التي بين أيدينا، ولذا لم نستطع تحديد تاريخ حدوثها، كما أن القاضي الفاضل لم يشر إلى تواريخها كما يفعل في بعض رسائله من هذا النوع.