وما زال لؤلؤ وأتباعه يتبعونه ليل نهار , حتى أدركهم بعد خمسة أيام على مسافة يوم من المدينة فأسلموا أنفسهم له , وعاد بهم لؤلؤ إلى مصر وفي أرجلهم القيود1.
وتدور القطعة الثانية حول وصف سير المعركة الحربية , وتنقلها من بلد إلى بلد , وهي تتعقب الأسطول الصليبي , موقعة به الهزيمة الواحدة تلو الأخرى.
تمتاز المكتبات إلى الخليفة بالطول بخلاف مكاتباته في هذا الشأن لأخيه الملك العادل , فالقطعتان اللتان بين أيدينا يجنح فيهما القاضي الفاضل إلى تفصيل الأمور , ويلجأ إلى المحسنات البديعية وعلى قمتها الاستعارة والكناية.
ويحلل كذلك الناحية النفسية للمسلمين تجاه هذه الحملة الغادرة , فيقول: " واشتدت مخافة أهل تلك الجوانب بل أهل القبلة لما أومض إليهم من خلل العواقب , وما ظن المسلمون إلا أنها الساعة , وقد نشر مطوى منشور بساطها. وانتظر غضب الله لفناء بيته المحرم , ومقام خليله الأكرم , وتراث أنبيائه الأقدم , وضريح نبيه الأعظم _ صلى الله عليه وسلم _ ورجو أن تشحذ البصائر آية كآية هذا البيت , إذ قصده أصحاب الفيل , ووكلوا إلى الله الأمر , وكان حسبهم ونعم الوكيل "2.
وهو كما نرى يلجأ إلى القران الكريم وإلى الصور الدينية ليرسم لنا انتصار المسلمين بعون الله في معاركهم الحربية , وهاهو يختم هذه الفقرة بقوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً} (الزمر: آية 71) . يكنى بذلك عن قهر المسلمين لأعدائهم الصليبيين قتلا وأسراً.