يدل في صورة قاطعة على مبلغ اعتماد النظام الحربي الأيوبي أو معظمه على الأقل على التوزيع الإقطاعي1، فمن الطبيعي أن ينقل صلاح الدين عن مخدومه نور الدين نظام الإقطاع الحربي الوراثي والشخصي إلى مصر، غداة أن استتب له الأمر فيها، بعد وفاة العاضد سنة (567 هـ= 1172 م) 2.
وكتب ابن مماتي فصلا في المقرر عن ميرة الإقطاعات في دولة صلاح الدين، مرتبة قيمتها حسب درجات الأجناد وجنسياتهم.
فالأجناد من الأتراك والأكراد والتركمان دينارهم الإقطاعي دينار واحد كامل جنديا.. الكتابة والعاقلة من العربان ومن يجري مجراهم على عادة الأجناد المصريين، دينارهم نصف دينار ... والغزاة والقواد ومن هم في معناهم، دينارهم ربع دينار.. السعر الناقص عن كل دينار جندي ...
والمأمور بالحوالة به عن كل دينار واحد جندي أردب واحد الثلثان قمح والثلث شعير، والحوالة علا بيت المال في مستحق الأجناد، كل جندي ربع دينار عنباً على سبيل المصالحة.
على أن المراجع الأيوبية - فيما يعلم الباحث - خلت من ذكر تفصيلات عن تقييم تلك الطوائف إلى أقسام أصغر منها، ليعرف كل أمير وجندي رتبته ومركزه في الجيش3.
وفي صبح الأعشى صورة لما كان عليه ديوان الجيش في عهد الفاطميين، وأعتقد أن الصورة العامة في عصر الأيوبيين لم تتغير كثيرا من الناحية الإدارية، فتقسيم هذا الديوان إلى ثلاثة أقسام أولها خاص بالشئون الحربية العامة، والثاني خاص بالرواتب. والثالث خاص بالإقطاعات.
فديوان الجيش مثلا في العصرين الفاطمي والأيوبي لا يكون صاحبه إلا مسلما، وله الرتبة الجليلة والمكانة الرفيعة، وبين يديه حاجب، وإليه عرض الأجناد وخيولهم، وذكر حلاهم ومعدات خيولهم. وكان من شرط هذا الديوان عندهم ألا يثبت لأحد من الأجناد إلا الفرس الجيد دون البغال والبراذين، وليس له تغيير أحد من الأجناد، ولا شيء من إقطاعهم إلا بمرسوم. وبين يدي صاحب هذا الديوان نقباء الأمراء، يعرفونه أحوال الأجناد من الحياة والموت والغيبة والحضور وغير ذلك، وكان قد فسح للأجناد في المقايضة بالإقطاعات لما لهم