في رسالة المودة والخلطة. وينجلي نبذه اياه في قوله: «معاذ الله ان تقول الا معروفا غير مجهول، وتصف الا صحيحا غير مدخول، او يكون ممن يتودد بالملق، ويتقحم على اهل الاقدار شرها الى مال، او حرصا على تقريب، وابعد الله الحرص واخزى الشره والطمع» .
ويذهب ابعد من ذلك فيحرض الممدوحين على عدم اجازة المديح الكاذب، واذا اثابوا الكذابين شاركوهم في كذبهم وسخفهم وتحملوا وزرهم.
وكانوا كمن يمدح نفسه.
ولم يكتف الجاحظ بمدح ابي الفرج، بل مدح والده ايضا الذي عرف «بالتبرع بالوعد وسرعة الانجاز، وتمام الضمان» .
واذا كان الولد يشبه الوالد في الصفات طبقا للمثل العربي: «ومن اشبه اباه فما ظلم» فهذا دليل على ان اخلاق الناس طباع يتوارثونها، وليست نتيجة التربية والتعليم. والجاحظ يعود في هذا الحكم الى اصول فلسفته الطبيعية التي لم يحد عنها في جميع مناحي فكره.
ولا ينسى الجاحظ في ختام الرسالة ان يذكر الممدوح بقاعدة التوازن التي شرحها في رسالة المودة والخلطة وهي تقول: يجب على الممدوح العطاء ويجب على المادح الشكر والثناء. «وانك والله، ايها الكريم المأمول، والمستعطف المسؤول، لا تزرع المحبة الا وتحصد الشكر، ولا تكثر المودات الا اذا اكثر الناس الاموال، ولا يشيع لك طيب الاحدوثة وجمال الحال في العشيرة الا لتجرع مرارة المكروه» .