الناقص والوافر والمشوب والخالص والمستقيم والمعوج. قال الله تبارك وتعالى لنبيه وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ

وقال بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ

واعلم أنه لم يبق من المتعجب القائل إلا نصيب اللسان، ولا من المستمع القائل إلا حصة السمع. وأما القلوب فخاوية قاسية وراكدة جامدة، لا تسمع داعيا ولا تجيب سائلا قد أغفلها سوء العادة واستولى عليها سلطان السكرة. فدع عنك ما لست منه فان فيما أورده عليك شغلا وهما داخلا.

إعلم أن الله تعالى قد مسخ الدنيا بحذافيرها، وسلخها من جميع معانيها، ولو مسخها كما مسخ بعض المشركين قردة، أو كما مسخ بعض الأمم خنازير، لكان قد بقي بعض أمورها وحبس عليها بعض أعراضها، كبقية ما مع القرد في ظاهره من شبه الآدمي، وبقية ما مع الخنزير في باطنه من شبه البشري، لكنه جل ذكره مسخ الدنيا مسخا متتبعا ومستقصى مستفرغا، فبين حاليهما جميع التضاد، وبين معنييهما غاية الخلاف. فالصواب اليوم غريب وصاحبه مجهول. فالعجب ممن يصيب وهو مغمور، ويقول وهو ممنوع، فإن صرت عونا عليه مع الزمان قتلته، وإن أمسكت عنه فقد رفدته، ولسنا نريد منك النصرة ولا المعونة ولا التأنيس ولا التعزية، وكيف أطلب منك ما قد انقطع سببه وأجتث أصله. وقد كان يقال: من طلب عيبا وجده. هذا في الدهر الصالح دون الفاسد. فان أنصفت فقد أغربت، وإن جرت فلم تعد ما عليه الزمان. وهب الله لنا ولك الإنصاف وأعاذنا وإياك من الظلم.

والحمد لله كما هو أهله، ولا حول ولا قوة إلا به، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015