من يتعلم، نجدها في بني مدلج، ثم في خاص من خثعم، وكذلك خزاعة، وهي في قريش أقل. وهي في بني أسد أقل، وليس هؤلاء لأب ولا يجمعهم بلد، وليس فيما بين البلدين قافة وهي فيهم على هذه الصفة. وكيف لم يختلفوا في لغتهم فينطق بعضهم بالزنجية وبعضهم بالنبطية وبعضهم بالفارسية. فان قلت فارقهم المعجم والشاعر والبكي والغرير، فان الشاعر وإن كان القريض عليه اسهل وهو على القوافي أقدر فإنه يتروى الشعر ويصنعه ويتفرد له ويفكر فيه، وكيف صار الانسان يعيش حيث تعيش النار ويموت حيث تموت النار، يصاب علم ذلك في الحباب وفي الغيران، ولم صار يبصر النجوم من قعر البئر العميقة ولا يبصرها أبدا إلا وهو خالص الظلمة. وخبرني عن الظلام أجسم موجود عند زوال الضوء، أم تأويل قولنا ظلام إنما نريد به دفع الضوء! فإن كان الظلام معنى أفتراه انقمع في الأرض وكمن عند انبساط الضوء وردع الشعاع، أم الأرض قرص للضلام كما أن عين الشمس قرص للضياء، وإن كان قائما فكيف لم يتنافيا. وإن كانا قد تداخلا فكيف لم نجدهما على منظر الأعين، ولو كان الأمر كذلك فنحن إذا لم نر ضياء قط ولا ظلاما.
وخبرني جعلت فداك لم زعمت أن الحس للعصب، وأن الشر عصب جامد وأن الرئة لا حس لها، وأن من أدام سف اللبان لم يؤلمه المؤلم وألذه الملذ، وكيف يلذ من لا يألم، ولو جاز ذلك لعرف الصواب من يجهل الخطأ، ولعرف الصدق من يجهل الكذب. هذا ما عندي من العلم البراني وأنت أبصر بالعلم الجواني.
وزعم بعض تلاميذك أنك تعلم لم كان الفرس لا طحال له، ولم صار