وجوههم، والبرهان على دعواي ظاهر في شمائلهم، والأخبار مستفيضة، والشّهود متعاونة.

وأنت حين ترى عتق تلك الدّيباجة، ورونق ذلك المنظر، علمت أنّ التالد هو قياد هذا الطّارف.

أمّا أنا فلم أر لأبي الفرج- أدام الله كرامته- ذامّا ولا شانئا ولا عائبا ولا هاجيا، بل لم أجد مادحا قطّ إلّا ومن سمع تسابق إلى تلك المعاني، ولا رأيت واصفا له قطّ إلّا وكلّ من حضر يهشّ له ويرتاح لقوله. قال الطّرمّاح:

هل المجد إلّا السّودد العود والنّدى ... ورأب الثّأى والصّبر عند المواطن

ولكن هل المجد إلّا كرم الأرومة والحسب وبعد الهمّة، وكثرة الأدب، والثّبات على العهد إذا زلّت الأقدام، وتوكيد العقد إذا انحلّت معاقد الكرام، وإلّا التّواضع عند حدوث النّعمة، واحتمال كلّ العثرة، والنّفاذ في الكتابة، والإشراف على الصّناعة.

والكتاب هو القطب الذي عليه مدار علم ما في العالم وآداب الملوك، وتلخيص الألفاظ، والغوص على المعاني السّداد، والتخلّص الى إظهار ما في الضّمائر بأسهل القول، والتمييز بين الحجّة والشّبهة وبين المفرد والمشترك، وبين المقصور والمبسوط، وبين ما يحتمل التأويل ممّا لا يحتمله، وبين السّليم والمعتلّ.

فبارك الله لهم فيما أعطاهم ورزقهم الشّكر على ما خوّلهم، وجعل ذلك موصولا بالسّلامة، وبما خطّ لهم من السّعادة، إنّه سميع قريب، فعّال لما يريد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015