فصل منه: قال عمرو بن بحر الجاحظ: درجت الأرض من العرب والعجم على إيثار الإيجاز، وحمد الاختصار، وذمّ الإكثار والتّطويل والتكرار، وكلّ ما فضل عن المقدار.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصّمت، دائم السّكت يتكلّم بجوامع الكلم، لا فضل ولا تقصير، وكان يبغض الثّرثارين المتشدّقين.
وكان يقال: أفصح الناس أسهلهم لفظا، وأحسنهم بديهة.
والبلاغة إصابة المعنى والقصد إلى الحجّة مع الإيجاز، ومعرفة الفصل من الوصل.
وقيل: العاقل من خزن لسانه، ووزن كلامه، وخاف النّدامة.
وحسن البيان محمود، وحسن الصّمت حكم.
وربّما كان الإيجاز محمودا، والإكثار مذموما. وربّما رأيت الإكثار أحمد من الإيجاز. ولكلّ مذهب ووجه عند العاقل. ولكلّ مكان مقال، ولكلّ كلام