ولشهرة أمره في البيع والشّراء قال المشركون: مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ
، فأوحى الله إليه: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ
. فأخبر أنّ الأنبياء قبله كانت لهم صناعات وتجارات.
فصل منه: وإنّ الذي دعا صاحبك إلى ذمّ التجارة توهمه بقلّة تحصيله، انها تنقص من العلم والأدب وتقتطع دونهما وتمنع منهما. فأيّ صنف من العلم لم يبلغ التّجّار فيه غاية، أو يأخذوا منه بنصيب، أو يكونوا رؤساء أهله وعليتهم؟! هل كان في التابعين أعلم من سعيد بن المسيّب أو أنبل؟ وقد كان تاجرا يبيع ويشتري، وهو الذي يقول: ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا عليّ- رضوان الله عليهم- قضاء إلّا وقد علمته.
وكان أعبر النّاس للرّؤيا وأعلمهم بأنساب قريش، وهو من كان يفتي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون. وله بعد علم بأخبار الجاهليّة والإسلام، مع خشوعه وشدّة اجتهاده وعبادته، وأمره بالمعروف، وجلالته في أعين الخلفاء، وتقدّمه على الجبّارين.
ومحمّد بن سيرين في فقهه وورعه وطهارته.
ومسلم بن يسار في علمه وعبادته، واشتغاله بطاعة ربّه.
وأيّوب السّختيانيّ، ويونس بن عبيد، في فضلهما وورعهما.