ان النبل هو الفضل وكرم النفس (وهو خصلة يفطر عليها بعض الناس ولا يمكن اكتسابها او تكلفها: «ومتى كنت من اهل النبل لم يضرك التبذل، ومتى لم تكن من أهله لم ينفعك التنبل» . ان النبل لا يكون بالتنبل ولا العظم بالتعظم، هذا ما يقرره الجاحظ عملا بمبدئه الفلسفي القائل إن الاخلاق طباع وليست نتيجة الاكتساب والتربية.
وصفات النبل هي المروءة، وبعد الهمة، وبهاء المنظر، وجزالة اللفظ، والمقامات الكريمة. ولا يكون المرء نبيلا «حتى يكون نبيل الرأي، نبيل اللفظ، نبيل العقل، نبيل الخلق، نبيل المنظر، بعيد المذهب في التنزه، طاهر الثوب من الفحش، ان وافق ذلك عرقا صالحا ومجدا تالدا» .
أضف الى ذلك التواضع والانصاف والصبر والحلم. وهكذا غدا النبيل مجمعا لجميع الفضائل الخلقية والجسمية والاجتماعية.
اما التكبر فقد عالجه الجاحظ في القسم الثاني من الكتاب، واعتبره صفة قبيحة في الانسان ولا يستحسن الا في ثلاثة مواضع: اذا كان المتكبر بدويا غير متحضر، فيكون كبره من بقايا الجاهلية والعنجهية الاعرابية. واذا كان انتقاما من عدو متجبر. واذا كان معارضة للملوك الجبابرة.
ومن صفات المتكبر التعظم على الصديق، والتغافل عن الضيف والمن على الضعيف، واحتقار من هو دونه والخضوع لمن فوقه. انه لئيم يظلم الضعيف ويطلب الهارب، ويهرب من الطالب ويستخف بالأديب، ويكذب وينم ويخون، ويبذخ، وينفج، ويصلف.
اما عواقبه فوخيمة: انه يسبب لصاحبه مقت الناس وسخط الله، ويبعده عن العلم والفلاح والحقيقة، ويزين له الشر والمعصية وقد عبر الجاحظ عن ذلك بقوله الجامع المانع البليغ «ما رأيت أوبأ مغبة وانكر عاقبة واوخم مرعى