وبطن القرطاس خير من ظهره، وبطن الصّحيفة موضع النّفع منها لا ظهرها، وببطن القلم يكتب لا بظهره، وببطن السّكّين يقطع لا بظهرها.

وخلق الله جلّ وعزّ آدم من طين، ونسله من بطن حوّاء.

ورأينا أكثر المنافع من الأغذية في البطون لا في الظّهور؛ فبطون البقر أطيب من ظهورها، وبطن الشّاة كذلك.

ومن أفضل صفات عليّ رضي الله عنه أن كان أخمص بطينا.

وأسمع من غنائهم:

بطني على بطنك يا جاريه ... لا نمطا نبغي ولا باريه

ولم يقل «ظهري على ظهرك» ، فجعل مماسّة البطن غانيا عن الوطاء، كافيا من الغطاء.

ولو لم يكن في البطن من الفضيلة إلّا أنّ الوجه الحسن، والمنظر الأنيق من حيّزه، وفي الظهر من العيب، إلّا أنّ الدّبر في جانبه، لكان فيها أوضح الأدلة على كرم البطن ولؤم الظهر.

ولم نرهم وصفوا الرجل بالفحولة والشّجاعة إلّا من تلقائه، وبالخبث والأبنة إلّا من ظهره.

وإذا وصفوا الشّجاع قالوا: مرّ فلان قدما، وإذا وصفوا الجبان قالوا:

ولّى مدبرا.

ولشتّان بين الوصفين: بين من يلقى الحرب بوجهه وبين من يلقاه بقفاه، وبين الناكح والمنكوح، والراكب والمركوب، والفاعل والمفعول، والآتي والمأتيّ، والأسفل والأعلى، والزائر والمزور، والقاهر والمقهور.

ولمّا رأينا الكنوز العاديّة والذّخائر النفسية، والجواهر الثّمينة مثل الدّرّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015