فجميع ذلك وما هو نحوه دال على انقطاع الحس والحركة من الميت، وأن أرواحهم ممسكة، وأن أعمالهم منقطعة عن زيادة ونقصان فدل ذلك على أن ليس للميت تصرف في ذاته فضلا عن غيره.. فإذا عجز عن حركة نفسه فكيف يتصرف في غيره، فالله سبحانه يخبر أن الأرواح عنده، وهؤلاء الملحدون يقولون: إن الأرواح مطلقة متصرفة {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} .

قال: وأما اعتقادهم أن هذه التصرفات لهم من المكرمات فهو من المغالطة، لأن الكرامة شيء من عند الله يكرم به أولياءه، لا قصد لهم فيه، ولا تحدي، ولا علم، كما في قصة مريم ابنة عمران، وأسيد بن حضير، وأبي مسلم الخولاني.

قال: وأما قولهم: "فيستغاث بهم في الشدائد ... " فهذا أقبح مما قبله، وأبدع لمصادرته قوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل - 62] {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}

[الأنعام - 63] وذكر آيات في هذا المعنى. ثم قال:

فإنه جل ذكره قرر أنه الكاشف للضر لا غيره، وأنه القادر على إيصال الخير، فهو المنفرد بذلك، فإذا تعين هو جل ذكره خرج غيره من ملك ونبي وولي، قال:

والاستغاثة تجوز في الأسباب الظاهرة العادية من الأمور الحسية من قتال أو إدراك عدو، أو سبع، ونحوه، كقولهم:

يا لزيد، يا للمسلمين، بحسب الأفعال الظاهرة بالفعل، وأما الاستغاثة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015