وقال ابن القيم رحمه الله: ومن أنواعه – أي الشرك1 – طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، وهذا أصل شرك العالم، فإن الميت قد انقطع عمله وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، فضلا عمن استغاث به، وسأله أن يشفع له، وهذا من جهله بالشافع والمشفوع عنده، فإنه لا يقدر أن يشفع له عند الله إلا بإذنه.

قال بعض المحققين: لو جاز طلب الشفاعة من الميت والغائب لما صار لنفي الشفاعة في القرآن معنى، كقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ} [البقرة - 254] {لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} [الأنعام - 51] {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة - 123] فلا يظهر الفرق بين الشفاعة المنفية في هذه الآيات ونحوها، والمثبتة كما في قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة - 255] {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء – 28] {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} [طه - 109] فلا يظهر الفرق إلا أن المنفية هي التي تطلب من غير الله، ويرغب فيها إلى غيره، والمثبتة هي التي لا تطلب إلا من الله وحده، وهو الإخلاص الذي لا يرضى من العبد سواه، كما تقرر في كلام العلماء.

قال ابن القيم: والله تعالى لم يجعل استغاثتة بغيره، وسؤاله لغيره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015