ومن رغب عن الله إلى غيره فكذلك، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء - 125] .

قال ابن كثير في الآية: أي أخلص العمل لربه عز وجل، فعمل إيمانا واحتسابا {وَهُوَ مُحْسِنٌ} أي متبع1 في عمله ما شرع الله له، وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق..،2 فمن فقد الإخلاص كان منافقا.. ومن فقد المتابعة كان ضالا جاهلا، ومتى جمعهما فهو عمل المؤمنين، الذين يتقبل منهم أحسن ما عملوا، ويتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون3.

و"الحنيف" هو المقبل على الله، المعرض عن كل ما سواه، كما تقدم، وهذا هو حقيقة دين الإسلام.

وقد اشتدت غربته في هذا الزمان وقبله، حتى عاد المعروف منكرا والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، نشأ على هذا الصغير وهرم عليه الكبير، وعظمت الفتنة بأرباب القبور، ورغب كثير عن إخلاص العبادة للذي له الملك كله، والقدرة التامة، والمشيئة النافذة، فجعلوا له شركاء في عبادته.

والحاذق منهم يتعلق بأمر الشفاعة، وقد أخبر تعالى أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015