روى ابن أبي حاتم وغيره أن ابن شوذب عن مطر الوراق قال: "أنزلها الله في حي من العرب كانوا يعبدون حيا من الجن" وفي تفسير مقاتل: "أن المشركين كانوا يعبدون الملائكة ويقولون هي تشفع لنا عند الله فلما ابتلوا بالقحط سبع سنين قيل لهم: {ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} .

والآية تتناول كل من دعى غير الله وذلك المدعو يبتغى إلى الله الوسيلة أي القربى والزلفى ويرجو رحمة الله ويخاف عذابه وهذا يدخل فيه الملائكة والأنبياء والصالحون الإنس والجن وقد قرأ طائفة (أولئك الذين تدعون) فبين أن الذين يدعونهم المشركون هم يتقربون إلى الله ويرجونه ويخافونه فكيف يجوز دعاؤهم وهذا كقوله: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} .

حصر أقسام المدعوين من دون الله ونفى كل واحد منهم:

وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} فذكر سبحانه الأقسام الممكنة فان المشرك الذي يدعو غير الله ويرجوه ويخافه أما أن يجعله مالكا أو شريكا أو ظهيرا أو شفيعا وهكذا كل من طلب منه أمر من الأمور أما أن يكون مالكا مستقلا به وأما أن يكون شريكا فيه وأما أن يكون عونا وظهيرا لرب الأمر وأما أن يكون سائلا محضا وشافعا إلى رب الأمر فإذا انتفت هذه الوجوه امتنعت الاستغاثة به.

ولهذا كان الناس بعضهم مع بعض من الملوك وغيرهم فيما يتساءلونه لا يخرجون عن هذه الأقسام أما أن يكون لكل منهما ملك متميز عن الآخر فيطلب من هذا ما في ملكه ومن هذا ما في ملكه وأما أن يكون أحدهما شريكا للآخر فيطلب منه ما يطلب من الشريك وأما أن يكون أحدهما من أعوان الآخر وأنصاره وظهرانه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015