عليه سباق القران فان شياطين الجن لم يكونوا يحتاجون إلى أن يخلوا بهم ولا هم يقولون لهم {إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} .
كون الصواب من الهام الملك والخطأ من إلقاء الشيطان:
وقد تنازع الناس في العلم الحاصل في القلب عقيب النظر والاستدلال على أقوال فهؤلاء المتفلسفة يقولون أن ذلك من فيض العقل الفعال عند استعداد النفس والمعتزلة يقولون هو حاصل على سبيل التولد والأشعري وغيره يقولون هو حاصل بفعل الله تعالى كما تحصل سائر الحوادث عندهم لا يجعلون لشيء من الحوادث سببا ولا حكمة.
والذي عليه السلف والأئمة أن الله جعل للحوادث أسبابا وحكمة وهذه الحوادث قد تحدث بأسباب من الملائكة أو من الجن وان ما يحصل في القلب من العلم والقوة ونحو ذلك قد يجعله الله بواسطة فعل الملائكة كما قال تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} وقال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سأل القضاء واستعان عليه وكل إليه ومن لم يسأل القضاء ولم يستعن عليه انزل الله إليه ملكا يسدده" والتسديد هو إلقاء القول السداد في قلبه وقال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} وقال تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا} وهؤلاء لم يكونوا أنبياء بل ذلك الهام وقد يكون بتوسط الملك كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ