وقسرية وإرادية لأن المتحرك إنما يتحرك بقوة فيه أو خارجة عنه والثاني هو المقسور المتحرك قسرا والأول أن لم يكن له شعور فهي الحركة الطبيعية وان كان له شعور فهي الإرادية والقسرية تابعة للقاسر فلولا هو لم يتحرك المقسور والطبيعية إنما يكون إذا خرج الجسم الطبيعي عن محله فيطلب بطبعه العود إلى محله فإذا عاد سكن كالتراب إذا سقط على الأرض والماء إذا وصل إلى مقره ونحو ذلك فلم يبق هنا متحرك ابتداء إلا المتحرك بالحركة الإرادية فعلم أن جميع الحركات مبدأها حركة إرادية ومعلوم أن الآدميين لا يحركون الهواء والسحاب وغير ذلك من الأجسام فالمحرك لها أحياء يحركون لها بالإرادة وهؤلاء هم الملائكة.

والملك معناه الرسول واصله ملاك على وزن مفعل ولكن ألقيت حركة الهمزة على الساكن قبلها وحذفت وهذه المادة معناها الرسالة سواء تقدمت اللام على الهمزة كما في صيغة الملك أو تقدمت الهمزة على اللام وهذه الأمور لبسطها موضع آخر.

وإنما المقصود أن نعرف أن ما يفسرون به الملائكة والوحي مما يعلم بالاضطرار من دين الرسول أنه مناقض لما جاء به فعلم أن ما يثبتونه من النبوة لا حقيقة له وان ادعاءهم أن علم الأنبياء إنما يحصل بالقياس المنطقي وأما باتصال نفسه بالنفس الفلكية من أبطل الكلام وذلك مما يبين فساد ما ذكروه في المنطق من حصر طرق العلم مادة وصورة وهو المطلوب في هذا الموضع ويبين أنهم اخرجوا من العلوم الصادقة اجل وأعظم واكبر مما أثبتوه وان ما ذكروه من الطرق إنما يفيد علوما قليلة خسيسة لا كثيرة ولا شريفة وهذه مرتبة القوم فإنهم من أخس الناس علما وعملا وكفار اليهود والنصارى اشرف منهم علما وعملا من وجوه كثيرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015