وبينا فسادها ولهذا لما تفطن أبو البركات لفساد قول أرسطو أفرد مقالة في العلم وتكلم على بعض ما قاله في المعتبر وانتصف منه بعض الانتصاف مع أن الأمر أعظم مما ذكره أبو البركات وأعظم عمدهم في نفيه أنه يستلزم التكثر والتغير.
فالتكثر يريدون به إثبات الصفات ثم ابن سينا وغيره اثبتوا علمه بنفسه وبلوازم نفسه معينا كالأفلاك كليا كغيرها فيلزمهم ما فروا منه من تعدد الصفات وهم يقولون أنه عاقل ومعقول وعقل وعاشق ومعشوق وعشق ولذيذ وملتذ ولذة وربما قالوا مبتهج وهي معان متعددة ثم يكابرون فيقولون العلم هو الحب وهو القدرة وهو اللذة فيجعلون كل صفة هي الصفة الأخرى ويزيدون مكابرة أخرى فيقولون العلم هو العالم والحب هو المحب واللذة هو الملتذ فيجعلون الصفات عين الموصوف ولما رأى الطوسي شارح الإشارات ما لزم صاحبها سلك طريقة أخرى جعل فيها العلم بالمعقولات هو نفس المعقولات مع أنهم ليس لهم قط حجة على نفي الصفات إلا ما تخيلوه من أن هذا تركيب وقد بينا فساده من وجوه كثيرة.
أما التغير فقالوا العلم بالمتغيرات يستلزم أن يكون علمه بأن الشيء سيكون غير علمه بأن قد كان فيلزم أن يكون محلا للحوادث وهم ليس عندهم على نفي هذه اللوازم حجة أصلا لا بينة ولا شبهة وإنما نفوه لنفيهم الصفات لا لأمر يختص بذلك بخلاف من نفي ذلك من الكلابية ونحوهم فإنهم لما اعتقدوا أن القديم لا تقوم به الحوادث قالوا لأنها لو قامت به لم يخل منها وما لم يخل من الحوادث فهو حادث وقد بين أتباعهم كالرازي والآمدي وغيرهم فساد المقدمة الأولى التي يخالفهم فيها جمهور العقلاء ويقولون بل القابل للشيء قد يخلو عنه وعن ضده أما المقدمة الثانية فهي حجة المتكلمين الجهمية والقدرية ومن وافقهم من أهل الكلام على إثبات حدوث الأجسام باستلزامها للحوادث وقالوا ما لا يخلو عن