معلومها وهم يعتقدون بقاء الأفلاك والعقول والنفوس فجعلوا كمالها في العلم بالموجودات التي اعتقدوا بقاءها ومن تقرب إلى الإسلام منهم يقول بل كمالها في العلم بواجب الوجود وهذا يشبه قول الجهم بن صفوان ومن وافقه في أن الإيمان مجرد العلم بالله.

وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع في جواب المسألة الصفدية وغير ذلك وبينا أنهم غلطوا من وجوه منها ظنهم أن كمال النفس في مجرد العلم ومنها ظنهم أن هذا الكمال يحصل بمعرفة أمور كلية لا موجودات معينة ومنها ظنهم أن ما عندهم في الإلهيات علم وأكثر جهل ولهذا كان الغاية عندهم التشبه بالفلك.

ولهذا يصنف من يصنف منهم في الصلاة فليس المقصود منها عبادة الله ولا دعاؤه فانه لا يعلم الجزئيات عندهم ولا يميز بين المصلي وغير المصلي بل مقصود الصلاة هو العلم بالوجود المطلق الذي يزعمون أنه كمال النفس والصلاة الظاهرة يطلب منها سياسة البدن ورياضته وإنما قالوا أن يسأل القمر ويستعيذه فانه يدبر هذا العالم بواسطة العقل الفعال فهو عندهم الرب الذي يسأل ويستعاذ به ومنه فاضت العلوم على الأنبياء وغيرهم.

وربما قالو المقصود بالصلاة تذكر الشرع الذي شرعه الشارع ليحفظ به القانون الذي شرعه لهم لمصلحة الدنيا كما يذكر ذلك ابن سينا وغيره وذلك أنهم لا يثبتون أن الله يسمع كلام العباد ولا يرى أفعالهم ولا يجيب دعاءهم بل الدعاء عندهم هو تصرف النفس في هيولي العالم فيحصل لها بما تهتم به من تجردها عن البدن نوع تجريد حتى تتصرف في هيولي العالم وأما الرب تعالى فليس هو عندهم لا بكل شيء عليم ولا على كل شيء قدير ولا يعلم لا السر ولا النجوى ولا غير ذلك من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015