وعلم الأخلاق والسياسة عندهم وعند سائر العقلاء مبنى على العدل ولهذا جعلوا كمال الإنسان العملى أربعة أمور أصلاح الشهوة والغضب والعدل بينهما وفي العلم بذلك والذي ذكروه هو بعض صفات الكمال التي أرسل الله بها رسله وانزل بها كتبه والاقتصار على ما ذكروه لا تحصل به السعادة التي هي كمال الإنسان ولكنه من الأمور المعتبرة فيها.

وقد بسطنا هذه الأمور وبينا قصور فلسفتهم عن حصول السعادة والكمال بها وأنها ابلغ في القصور من دين اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل وان ما عندهم إذا أخذ منه الحق وترك الباطل كان جزءا من الأجزاء المحصلة للسعادة وفيه أمور كثيرة باطلة وأمور هي حق لكن ليس مما تحصل به السعادة والكمال.

الوجه العاشر: لا حجة على تكذيبهم بأخبار الأنبياء الخارجة عن قياسهم

الوجه العاشر: أن الأنبياء والأولياء لهم من علم الوحي والإلهام ما هو خارج عن قياسهم الذي ذكروه بل الفراسة أيضا وأمثالها فان ادخلوا ذلك فيما ذكروه من الحسيات والعقليات لم يمكنهم نفى ما لم يدركوه ولم يبق لهم ضابط وهذا موضع ينبغي تحقيقه.

وهم أعني ابن سينا واتباعه جعلوا القضايا من جهة ما يصدق بها المستعملة بين القائسن ومن يجرى مجراهم أربعة أصناف الأول الواجب قبولها التي هي مادة البرهان وهي الأوليات والحسيات والمجربات والحدسيات والمتواترات وربما ضموا إلى ذلك قضايا معها حدودها ولم يذكروا دليلا على هذا الحصر ولهذا اعترف المنتصرون لهم أن هذا التقسيم منتشر غير منحصر يتعذر إقامة دليل عليه.

وإذا كان كذلك لم يلزم أن كل ما لم يدخل في قياسهم أن لا يكون معلوما وحينئذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015