يحتاج إلى قيام العرض بالعرض كما توصف الأعراض بالصفات وجميع ذلك قائم بالعين الموصوفة فنقول هذا سواد شديد وهذه حركة سريعة وبطيئة وهم يسلمون أن كون الفعل صفة كمال أو صفة نقص أو ملائما للفاعل أو منافرا له قد يعلم بالعقل وهذه صفات للفعل وهي قائمة بالموصوف.
ومن الناس من يظن أن الحسن والقبح صفة لازمة للموصوف وان معنى كون الحسن صفة ذاتية له هذا معناه وليس الأمر كذلك بل قد يكون الشيء حسنا في حال قبيحا في حال كما يكون نافعا ومحبوبا في حال وضارا وبغيضا في حال والحسن والقبح يرجع إلى هذا وكذلك يكون حسنا في حال وسيئا في حال باعتبار تغير الصفات.
والحسن والقبح من أفعال العباد يرجع إلى كون الأفعال نافعة لهم وضارة لهم وهذا مما لا ريب فيه أنه يعرف بالعقل ولهذا اختار الرازي في آخر أمره أن الحسن والقبح العقليين ثابتان في أفعال العباد وأما إثبات ذلك في حق الله تعالى فهو مبني على معنى محبة الله ورضاه وغضبه وسخطه وفرحه بتوبة التائب ونحو ذلك مما قد بسط في غير هذا الموضع وهل ذلك صفات ليست هي الإرادة كما اتفق عليه السلف والأئمة أو ذلك هو الإرادة بعينها كما يقوله من يقوله من المعتزلة والجهمية ومن وافقهم.
بيان أن قضايا التحسين والتقبيح من أعظم اليقينيات:
والمقصود هنا ذكر هذه القضايا المشهورة من بني ادم كلهم كقولهم العدل حسن وجميل وصاحبه يستحق المدح والكرامة والظلم قبيح مذموم سيء وصاحبه يستحق الذم والإهانة فان هؤلاء نفوا كونها من اليقينيات وهذا يستلزم أن لا يقول الفلاسفة بالحسن والقبح العقليين إذ لم يكن في العقل قضية برهانية عقلية ومن الناس