شيئين فهذا صحيح ولا ريب أن العلية لا تتصور إلا بتصور العلة والمعلول فحصولها في التصور الذهني مشروط بحصول تصور المضافين في الذهن وان عنيت أنها لا توجد في الخارج إلا بالشيئين فهذا باطل بالضرورة واتفاق العقلاء فان ذات الرب وحدها مستلزمة لكل ما يتصف به من الأمور الثبوتية والإضافية وهذا متفق عليه بين المسلمين والفلاسفة وسائر الناس فان كونه خالقا للعالم وربا وفاعلا هو الذي يسمونه علة ومؤثرا والناس متنازعون في الخلق هل هو أمر عدمي وهو نفس المخلوق كما يقوله أكثر المعتزلة والأشعرية أم الخلق زائد على المخلوق كما هو قول جماهير المسلمين وهو قول السلف والأئمة وذكر البخاري أنه قول العلماء مطلقا لم يذكر فيه نزاع وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
والمقصود هنا أنه على كل قول فلا يقول عاقل أن المخلوق أوجب كونه خالقا ولا المعلول جعل العلة علة ولا أنه شرط في ذلك بل الخالق سبحانه هو وحده خلق جميع المخلوقات وكونه خالقا على قول الجمهور حاصل بقدرته ومشيئته عند المسلمين ليس خاصا بالمخلوقات بل خلق المخلوق متقدم عليه في نفس الأمر فكيف يكون الخلق معلولا ل المخلوق وكذلك علية العلة متقدمة على المعلول في نفس الأمر فكيف يكون المعلول جزء علية العلة فقوله أن العلية أمر إضافي والأمور الإضافية لا يكفي في حصولها الشيء الواحد بل لا بد من حصول كلا المضافين فيه تغليط بسبب الإجمال في قوله فالشيء الواحد لا يكفي في حصولها فان ما ذكره صحيح في الحصول في العلم والتصور وأما الحصول الخارجي فالشيء الواحد قد يكون علة لأمور كثيرة إضافية والعلة علة المعلول وعلة عليتها وهما جميعا حاصلان بالعلة وكذلك الأبوة والبنوة من المتضائفات وهما لازمان للإيلاد فعلة الايلاد أوجبت هذين المتضائفين