اللوازم القريبة والبعيدة".
قال: "وأما الشك الثاني فهو أيضا خارج لانا لا نسلم أن العلية مغايرة لحقيقة ذات العلة لكنا ندعي أن تصور حقيقة العلة مع تصور حقيقة المعلول القريب يوجب العلم بكون العلة علة لذلك المعلول".
قلت: فهذا الكلام الذي زعموا أنه برهان قرروا به الأصول الكلية ل الحد والبرهان وفيه من الفساد والخطأ والتناقض ما يطول وصفه لكن ننبه على بعضه وذلك من طرق.
الطريق الأول:
إن قوله: "الماهية لما هي هي مقتضية لذلك اللازم" أن عني به أن الماهية الملزومة هي العلة في حصول لازمها في نفس الأمر كما يقتضيه كلامه فهذا من أبطل الباطل فليس كل ما كان لازما لغيره يكون ذلك الغير هو العلة المقتضية لوجوده في نفس الأمر فان العلة نفسها لازمة لمعلولها المعين لا يوجد المعلول المعين إلا بتلك العلة وان قدر وجود ما هو من جنسه بغير تلك العلة فليس هو ذلك المعين والعلة لا تكون معلولة لمعلولها وهي لازمة له.
وكذلك احد المعلولين يلازم المعلول الآخر كالأبوة والبنوة هما متلازمان وليس وجود أحدهما علة للآخر بل كلاهما معلول علة أخرى وكذلك جميع المتلازمات كالناطقية والضاحكية للإنسان متلازمان وليس أحدهما علة للآخر وكذلك الحس والحركة الإرادية متلازمان وليس أحدهما علة الآخر ونظير هذا كثير في الحسيات والعقليات والشرعيات وكل شيء فان نجوم الثريا متلازمة ما دام الفلك موجودا على هذه الصفة وليس بعضها علة لبعض وكذلك الأخلاط الأربعة في جسد ابن ادم متلازمة وليس بعضها علة لبعض وصفات الرب تعالى كعلمه وقدرته متلازمة وليس إحدى الصفتين علة للأخرى والأدلة الدالة على