أمر أعظم من أن يذكر في ترجيحه على الفلسفة وإنما المقصود الكلام في العلوم العقلية التي تعلم بالأدلة العقلية دع ما جاءت به الأنبياء فانه مرتبة عالية.

وهؤلاء المتكلمون من أهل الملل الذين يدعهم أهل السنة من أهل الملل كالجهمية والمعتزلة وما يفرع على هؤلاء من جميع طوائف الكلام فان الفلاسفة تقول أن هؤلاء أهل جدل ليسوا أصحاب برهان ويجعلون نفوسهم هم أصحاب البرهان ويسمون هؤلاء أهل الجدل ويجعلون أدلتهم من المقاييس الجدلية إذ كانوا قد قسموا القياس خمسة أقسام برهاني وخطابي وجدلي وشعري وسوفسطائي كما سنتكلم عليه أن شاء الله ولهذا تجد ابن سينا وابن رشد وغيرهما من المتفلسفة يجعل هؤلاء أهل الجدل وان مقدماتهم التي يحتجون بها جدلية ليست برهانية ويجعلون أنفسهم أصحاب البرهان.

ونحن لا ننازعهم أن كثيرا مما يتكلمه المتكلمون باطل لكن إذا تكلم بالإنصاف والعدل ونظر في كلام معلمهم الأول أرسطو وأمثاله في الإلهيات وفي كلام من هم عند المسلمين من شر طوائف المتكلمين كالجهمية والمعتزلة مثلا وجد بين ما يقوله هؤلاء المتفلسفة وبين ما يقوله هؤلاء من العلوم التي يقوم عليها البرهان العقلي من الفروق التي تبين فرط جهل أولئك بالنسبة إلى هؤلاء ما لا يمكن ضبطه وهذا كلام أرسطو موجود وكلام هؤلاء موجود فان هؤلاء المتكلمين يتكلمون بالمقدمات البرهانية اليقينية أكثر من أولئك بكثير كثير وأرسطو أكثر ما يبني الأمور الإلهية على مقدمات سوفسطاية في غاية الفساد ولولا أن هذا ليس موضع ذكره لذكرت كلامه في مقالة اللام التي هي آخر علومه بألفاظها وكذلك كلامه في اثولوجيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015