بهذه الآية على أن العالم لا يتغير بل لا تزال الشمس تطلع وتغرب لأنها عادة الله فيقال له انخراق العادات أمر معلوم بالحس والمشاهدة بالجملة وقد أخبر في غير موضع أنه سبحانه لم يخلق العالم عبثا وباطلا بل لأجل الجزاء فكان هذا من سنته الجميلة وهو جزاؤه الناس بأعمالهم في الدار الآخرة كما أخبر به من نصر أوليائه وعقوبة أعدائه فبعث الناس للجزاء هو من هذه السنة وهو لم يخبر بان كل عادة لا تنتقض بل أخبر عن السنة التي هي عواقب أفعال العباد بإثابته أولياءه ونصرهم على الأعداء فهذه هي التي اخبر لن يوجد لها تبديل ولا تحويل كما قال: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً} .
وذلك لأن العادة تتبع أرادة الفاعل وإرادة الفاعل الحكيم هي أرادة حكيمة فتسوى بين المتماثلات ولن يوجد لهذه السنة تبديل ولا تحويل وهو إكرام أهل ولايته وطاعته ونصر رسله والذين آمنوا على المكذبين فهذه السنة تقتضيها حكمته سبحانه فلا انتقاض لها بخلاف ما اقتضت حكمته تغييره فذاك تغييره من الحكمة أيضا ومن سنته التي لا يوجد لها تبديل ولا تحويل لكن في هذه الآيات رد على من يجعله يفعل بمجرد أرادة ترجح أحد المتماثلين بلا مرجح فان هؤلاء ليس عندهم له سنة لا تتبدل ولا حكمة تقصد وهذا خلاف النصوص والعقول فإن السنة تقتضي تماثل الآحاد وأن حكم الشيء نظيره فيقتضي التسوية بين المتماثلات وهذا خلاف قولهم.
المتواتر عن الأنبياء أعظم من المتواتر عن الفلاسفة:
والمقصود هنا الكلام على الفلاسفة فنقول معلوم أن من شياطينهم من يقول المتواترات لا يقوم بها البرهان على المنازع ليدخل في ذلك ما تواتر عن الأنبياء صلوات الله عليهم من الآيات والبراهين والمعجزات التي بعثوا بها كما