ضدان حتى يعلم أنهما لا يجتمعان وإذا علم أنهما لا يجتمعان أغنى ذلك عن الاستدلال عليه بكونهما ضدين.
فعلم أنه لا يحتاج أن يبين ما يندرج في هذا الكلى لا من الأنواع ولا من الأعيان المعينة به بل العلم بها أبين من العلم بهذه الكلية بل إذا أرادوا أن يبينوا أن الضدين لا يجتمعان قالوا المراد بالضدين هما الوصفان الوجوديان اللذان لا يجتمعان في محل واحد كالسواد والبياض فيعود الأمر إلى تعريفهم مرادهم بهذا اللفظ وأما بيان ما دل عليه من المعاني المعقولة فلا يحتاج إلى الاستدلال عليه بالكلى وكذلك في النقيضين وكذلك في الشرط والمشروط والعلة والمعلول وسائر هذه الأمور الكلية.
إبطال القول باقتران العلة والمعلول في الزمان:
ولهذا من لم يحكم معرفة هذا وإلا التبست عليه المعقولات ودخل عليه غلطهم سواء كانوا قد غلطوا هم في التصور وهو الغالب على أئمتهم أو كانوا يقصدون التغليط كما يفعله بعضهم.
مثال ذلك أنه إذا قيل لهم في مسألة حدوث العالم كيف يكون العالم مفعولا مصنوعا للرب وهو مساوق له أزلا وأبدا مقارن له في الزمان هذا مما يعلم فساده بضرورة العقل فان المفعول لا يكون مقارنا للفاعل في الزمان قالوا بل هذا ممكن وهو أن تقدم العلة على المعلول تقدما عقليا لازما كتقدم حركة اليد على حركة الخاتم الذي فيها وتقدم الشمس على الشعاع وتقدم الحركة على الصوت الناشئ عنها ثم أن كان ممن تكلم في العلة والمعلول المذكور في الصفات والأحوال وهو يقول العلم علة كون العالم عالما كما يقوله مثبتوا الأحوال من النظار كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي في أول قوليه والقاضي أبي يعلى وأمثالهم فانه قد ألف أن العلة والمعلول متلازمان مقترنان فلا يستنكر مثل هذا هنا