تعصم مراعاتها الذهن أن يزل في فكره وليس الأمر كذلك فانه لو احتاج الميزان إلى ميزان لزم التسلسل وأيضا فالفطرة أن كانت صحيحة وزنت بالميزان العقلي وإن كانت بليدة أو فاسدة لم يزدها المنطق لو كان صحيحا إلا بلادة وفسادا ولهذا يوجد عامة من يزن به علومه لا بد أن يتخبط ولا يأتي بالأدلة العقلية على الوجه المحمود ومتى أتى بها على الوجه المحمود اعرض عن اعتبارها بالمنطق لما فيه من العجز والتطويل وتبعيد الطريق وجعل الواضحات خفيات وكثرة الغلط والتغليط.
كل قياس في العالم يمكن رده إلى القياس الاقتراني:
فان قيل ما ذكرته من أن قياس الشمول يرجع إلى قياس التمثيل يتوجه في قياس الاقتراني دون الاستثنائي فان الاستثنائي ما تكون النتيجة أو نقيضها مذكورة فيه بالفعل بخلاف الاقتراني فان النتيجة إنما هي فيه بالقوة والاستثنائي مؤلف من الشرطيات المتصلة وهو التلازم ومن المنفصلة وهو التقسيم ولا ريب أن الحد الأوسط في الاقترانى يمكن جعله الجامع المشترك في القياس التمثيلي بخلاف الاستثنائى قيل الجواب من وجوه.
منها أن التلازم والتقسيم إذا قيل هذا مستلزم لهذا حيث وجد وجد فان هذا قضية كلية فتستعمل على وجه التمثيل وعلى وجه الشمول بأن يقاس بعض أفرادها ببعض ويجعل القدر المشترك هو مناط الحكم وكذلك إذا قيل هذا أما كذا وأما كذا فهو أيضا كلى يبين بصيغة التمثيل وبصيغة الشمول ولهذا كانت الأحكام الثابتة بصيغة العموم يمكن استعمال قياس التمثيل فيها بأن يقاس بعض أفرادها ببعض ويجعل المعنى المشترك هو مناط الحكم.
ومنها أن كل قياس في العالم يمكن رده إلى الاقترانى فإذا قيل بصيغة الشرط أن كانت الصلاة صحيحة فالمصلى متطهر أمكن أن يقال كل مصل فهو متطهر وأن يقال الصلاة مستلزمة الطهارة ونحو ذلك من صور القياس الاقتراني والحد الأوسط فيه أن استثناء عين المقدم ينتج عين التالي واستثناء نقيض التالي ينتج نقيض