أفرادها بديهيا فان النتيجة إذا افتقرت إلى مقدمتين فلا بد أن ينتهي الأمر إلى مقدمتين تعلم بدون مقدمتين وإلا لزم الدور أو التسلسل الباطلان ولهذا كان من المقرر عند أهل النظر أنه لا بد في التصورات والتصديقات من تصورات بديهية وتصديقات بديهية.

ولفرض المقدمتين البديهيتين كل مسكر خمر وكل خمر حرام وإن لم يكن هذا بديهيا لكن المقصود التمثيل ليعلم بالمثال حكم سائر القضايا فإذا قدر أنه علم بالبديهة أن كل فرد من أفراد الخمر حرام وعلم بالبديهة أن كل فرد من أفراد المسكر خمر كان علمنا بالبديهة أن هذه الأفراد حرام من أسهل الأشياء.

وإنما يخفى ذلك لكون أكثر المقدمات لا يكون بديهية بل مبينة بغيرها كافي هذا المثال فان المقدمة الثانية ثابتة بالنص والإجماع والأولى ثابتة بالسنة الصحيحة لكن لم يعرفها كثير من العلماء فطريق العلم بالمقدمتين يختلف.

وأما إذا أفردنا ذلك في مقدمتين طريق العلم بهما واحد لم نحتج إلى القياس مثل العلم بأن كل إنسان حيوان وكل حيوان حساس متحرك بالإرادة فهنا قد يكون العلم بأن كل إنسان حساس متحرك بالإرادة أبين وأظهر وكذلك إذا قلنا كل إنسان جسم أو جوهر أو حامل للصفات ثم قلنا كل ما هو جسم أو جوهر أو حامل للصفات فليس بعرض أو هو قائم بنفسه أو هو موصوف بالصفات ونحو ذلك كان العلم بأن كل إنسان هو كذلك مما لا يحتاج إلى هذا التطويل فالمقدمتان أن كان طريق العلم بهما واحدا وقد علمتا فلا حاجة إلى بيانهما وإن كان طريق العلم بهما مختلفا فمن لم يعلم إحداهما احتاج إلى بيانها وإن لم يحتج إلى الأخرى التي علمها وهذا ظاهر في كل ما تقدره.

فتبين أن منطقهم يعطي تضييع الزمان وكثرة الهذيان وإتعاب الأذهان وكذلك إذا علمنا أن كل رسول نبي وكل نبي فهو في الجنة فعلمنا أن كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015