فان المدائن التي للمشركين بأرض الحجاز كانت ثلاثة: مكة والمدينة والطائف وكان لكل أهل مدينة طاغوت من هذه الثلاثة ولهذا خصصها سبحانه بالذكر في قوله: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي قسمة جائرة {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} فإنهم كانوا يجعلون لله أولادا إناثا وشركاء إناثا فقال: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} .

أصل الشرك من تعظيم القبور وعبادة الكواكب:

والشرك في بني آدم أكثره عن أصلين:

أولهما: تعظيم قبور الصالحين وتصوير تماثيلهم للتبرك بها وهذا أول الأسباب التي بها ابتدع الآدميون الشرك وهو شرك قوم نوح قال ابن عباس: "كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام" وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن نوحا أول رسول بعث إلى أهل الأرض " ولهذا لم يذكر الله في القرآن قبله رسولا فان الشرك إنما ظهر في زمانه.

وقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن عباس وذكره أهل التفسير والسير من غير واحد من السلف في قوله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} "أن هؤلاء كانوا قوما صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم" وأن هذه الأصنام صارت إلى العرب وذكر ابن عباس قبائل العرب التي كانت فيهم مثل هذه الأصنام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015