ونحن قد بينا في الكتاب المصنف في الدور لما ذكرنا فيه أن لفظ الدور يقال على ثلاثة أنواع:

الدور الكوني الذي يذكر في الأدلة العقلية أنه لا يكون هذا حتى يكون هذا ولا يكون هذا حتى يكون هذا وطائفة من النظار كالرازي يقولون هو ممتنع والصواب أنه نوعان كما يقوله الآمدي وغيره دور قبلي ودور معي في الدور القبلي ممتنع والدور المعى ممكن.

ف الدور القبلي الذي يذكر في العلل وفي الفاعل والمؤثر ونحو ذلك مثل أن يقال لا يجوز أن يكون كل من الشيئين فاعلا للآخر لأنه يفضى إلى الدور.

وهو أن يكون هذا قبل ذاك وذاك قبل هذا وذاك فاعل لهذا وهذا فاعل لذاك فيكون الشيء فاعلا لفاعله ويكون قبل قبله وقد اورد الرازي وغيره عليه إشكالات ذكرناها وبينا وجه حلها طرق إثبات الصانع.

وأما الدور المعى فهو كدور الشرط مع الشروط وأحد المتضائفين مع الآخر إذا قيل صفات الرب لا تكون إلا مع ذاته ولا تكون ذاته إلا مع صفاته فهذا صحيح وكذلك إذا قيل لا تكون الأبوة إلا مع النبوة ولا تكون النبوة إلا مع الأبوة.

والنوع الثاني: مما يسمى دورا الدور الحكمى الفقهي المذكور في المسألة السريجية وغيرها وقد أفردنا في هذا مصنفات وبينا حقيقة هذا الدور وأنه باطل عقلا وشرعا وبينا في مصنف آخر هل في الشريعة شيء من هذا الدور أم لا.

والنوع الثالث: الدور الحسابي وهو أن يقال لا يعلم هذا حتى يعلم هذا فهذا هو الذي يطلب حله بحساب الجبر والمقابلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015