مسماها حتى تنفى بالشرع وإنما ينفيها من ينفيها فيستفسر عن مراده إذ البحث في المعاني المعقولة لا في مجرد هذه الألفاظ.
فيقال: ما تريد بأن المرئي لا بد أن يكون متحيزا فان المتحيز في لغة العرب التي نزل بها القرآن يعنى به ما يحوزه غيره كما في قوله تعالى: {أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ} فهذا تحيز موجود يحيط به موجود غيره إلى موجودات تحيط به وسمى متحيزا لأنه تحيز من هؤلاء إلى هؤلاء والمتكلمون يريدون بالتحيز ما شغل الحيز والحيز عندهم تقدير مكان ليس أمرا موجودا فالعالم عندهم متحيز وليس في حيز وجودي والمكان عند أكثرهم وجودي.
فإذا أريد ب المتحيز ما يكون في حيز وجودي منعت المقدمة الأولى وهو قوله: "كل مرئي متحيز" فان سطح العالم يمكن أن يرى وليس في عالم آخر وإن قال: بل أريد به "لا بد أن يكون في حيز وإن كان عدميا" قيل له العدم ليس بشئ فمن جعله في الحيز العدمى لم يجعله في شيء موجود ومعلوم أنه ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق فإذا كان الخالق بائنا عن المخلوقات كلها لم يكن في شيء موجود وإذا قيل هو في حيز معدوم كان حقيقته أنه ليس في شيء فلم قلت أن هذا محال.
وكذلك إذا قال يلزم أن يكون جسما ففيه إجمال التنبيه عليه.
وكذلك إذا قال في جهة فان الجهة يراد بها شيء موجود وشئ معدوم فان شرط في المرئي أن يكون في جهة موجودة كان هذا باطلا برؤية سطح العالم وإن جعل العدم جهة قيل له إذا كان بائنا عن العالم ليس معه هناك غيره فليس في جهة وجودية وإذا سميت ما هنالك جهة وقلت هو في جهة على هذا التقدير منعت انتفاء اللازم وقيل لك العقل والسمع يدلان على ثبوت هذا اللازم لا