انه لا توجد الذات إلا مع وجود صفتها الملازمة لها ولا توجد الصفة إلا مع وجود الذات الملازمة لها ولو قدر أنه أريد بالتركيب التركيب من الأجزاء الحسية أو العقلية مع تلازم الأجزاء فهذا معناه.
فإذا قيل كل مركب مفتقر إلى جزئه أن عني به أنه مستلزم لجزئه وانه لا يوجد إلا بوجود جزئه فهذا صحيح فان وجود المجموع بدون كل من آحاده ممتنع وان أريد أنه يفتقر إليه افتقار المفعول إلى فاعله والمعلول إلى علته الفاعلة أو القابلة أو الغائية أو الصورية فهذا باطل فان الواحد من العشرة والجزء من الجملة لا يجوز أن يكون فاعلا ولا غاية ولا هي هو الصورة.
ثم قولكم وجزؤه غيره يقال لفظ الغير يراد به ما كان مباينا للشيء وما يجوز مفارقته له وما ليس إياه فان أردتم أن جزء المجموع ما هو مباين له فهذا باطل فانه يمتنع أن يكون مباينا له مع كونه جزءا منه فيمتنع أن يكون غيرا له بهذا الاعتبار وان قلتم يجوز أن يفارقه فهذا ليس عام على الإطلاق بل يجوز في بعض الأفراد أن يفارق غيره من الأجزاء ويفارق المجموع الذي هو الهيئة الاجتماعية ولا يلزم ذلك في كل مجموع لا سيما على أصلهم فان الفلك عندهم مركب من أجزائه وصفاته ولا يجوز عندهم على أجزائه التفرق.
والمسلمون وجمهور العقلاء عندهم أن الله حي عليم قدير ولا يجوز أن يفارقه كونه حيا عالما قادرا بل لم يزل ولا يزال كذلك وكونه حيا عالما قادرا من لوازم ذاته وهي ملازمة لذاته لا يجوز عليه الافتراق بوجه من الوجوه فامتنع أن تكون صفاته هذه أغيارا بهذا الاعتبار.
وان فسر الغيران بما ليس أحدهما هو الآخر أو بما يجوز العلم بأحدهما مع عدم العلم بالآخر فلا ريب أن صفة الموصوف التي يمكن معرفتها