الثالث: أن دين عباد الأصنام أقدم من فلسفتهم وقد دخل فيه من الطوائف أعظم ممن دخل في فلسفتهم وكذلك دين اليهود المبدل أقدم من فلسفة أرسطو ودين النصارى المبدل قريب من زمن أرسطو فان أرسطو كان قبل المسيح بنحو ثلاثمائة سنة فانه كان في زمن الاسكندر بن فيلبس الذي يؤرخ به تاريخ الروم الذي يستعمله اليهود والنصارى.
الرابع: أن يقال فهب أن الأمر كذلك فهذه العلوم عقلية محضة ليس فيها تقليد لقائل وإنما تعلم بمجرد العقل فلا يجوز أن تصحح بالنقل بل ولا يتكلم فيها إلا بالمعقول المجرد فإذا دل المعقول الصريح على بطلان الباطل منها لم يجز رده فان أهلها لم يدعوا أنها مأخوذة عمن يجب تصديقه بل عن عقل محض فيجب التحاكم فيها إلى موجب العقل الصريح
فصل:
قياس التمثيل لا يفيد إلا الظن عند المناطقة بخلاف الاستقراء:
وقد احتجوا بما ذكروه من أن الاستقراء دون القياس الذي هو قياس الشمول وأن قياس التمثيل دون الاستقراء فقالوا أن قياس التمثيل لا يفيد إلا الظن وإن المحكوم عليه قد يكون جزئيا بخلاف الاستقراء فانه قد يفيد اليقين والمحكوم عليه لا يكون إلا كليا.
قالوا وذلك أن الاستقراء هو الحكم على كلى بما تحقق في جزئياته فان كان في جميع الجزئيات كان الاستقراء تاما كالحكم على المتحرك ب الجسمية لكونها محكوما بها على جميع جزئيات المتحرك من الحيوان والجماد والنبات