ومانعة الخلو فيها تناقض ولزوم والنقيضان لا يرتفعان فمنعت الخلو منهما ولكن جزاءها وجود شيء وعدم آخر ليس هو وجود الشيء وعدمه ووجود شيء وعدم آخر قد يكون أحدهما لازما للآخر وإن كانا لا يرتفعان لأن ارتفاعهما يقتضى ارتفاع وجود شيء وعدمه معا.

مدار الاستدلال على مادة العلم لا على صورة القياس:

وبالجملة ما من شيء إلا وله لازم لا يوجد بدونه وله مناف مضاد لوجوده فيستدل عليه بثبوت ملزومه وعلى انتفائه بانتفاء لازمه.

ويستدل على انتفائه بوجود منافيه ويستدل بانتفاء منافيه على وجوده إذا انحصر الأمر فيهما فلم يمكن عدمهما جميعا كما لم يمكن وجودهما جمعيا.

وهذا الاستدلال يحصل من العلم بأحوال الشيء وملزومها ولوازمها وإذا تصورته الفطرة عبرت عنه بأنواع من العبارات وصورته في أنواع من صور الأدلة لا يختص شيء من ذلك بالصورة التي ذكروها في القياس فضلا عما سموه البرهان فان البرهان شرطوا له مادة معينة وهي القضايا التي ذكروها واخرجوا من الأوليات ما سموه وهميات وما سموه مشهورات وحكم الفطرة بهما لا سيما بما سموه وهميات أعظم من حكمها بكثير من اليقينيات التي جعلوها مواد البرهان.

وقد بسطت القول على هذا وبينت كلامهم في ذلك وتناقضهم وأن ما أخرجوه يخرج به ما ينال به اشرف العلوم من العلوم النطرية والعلوم العملية ولا يبقى بأيديهم إلا أمور مقدرة في الأذهان لا حقيقة لها في الأعيان ولولا أن هذا الموضع لا يتسع لحكاية ألفاظهم في هذا وما أوردته عليهم لذكرته فقد ذكرت ذلك كله في مواضعه من العلوم الكلية والإلهية فإنها هي المطلوبة.

والكلام في المنطق إنما وقع لما زعموا أنه آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015