الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم" فبين أن الملائكة مخلوقون من مادة موجودة قبلهم فأين هذا من قول من ينفى الخلق عنها ويقول أنها مبتدعة لا مخلوقة أو يقول أنها قديمة أزلية لم تكن من مادة أصلا وهذه الأمور مبسوطة في موضع آخر.

والمقصود هنا أن كتب أبى حامد وإن كان يذكر فيها كثيرا من كلامهم الباطل أما بعبارتهم أو بعبارة أخرى فهو في آخر أمره يبالغ في ذمهم ويبين أن طريقهم متضمنة من الجهل والكفر ما يوجب ذمها وفسادها أعظم من طريقة المتكلمين ومات وهو مشتغل ب البخاري ومسلم والمنطق الذي كان يقول فيه ما يقول ما حصل له مقصوده ولا أزال عنه ما كان فيه من الشك والحيرة بل كان متوقفا حائرا فيما هو من أعظم المطالب العالية الإلهية والمقاصد السامية الربانية ولم يغن عنه المنطق شيئا.

ولكن بسبب ما وقع منه في أثناء عمره وغير ذلك صار كثير من النظار يدخلون المنطق اليوناني في علومهم حتى صار من يسلك طريق هؤلاء من المتأخرين يظن أنه لا طريق إلا هذا وأن ما ادعوه من الحد والبرهان هو أمر صحيح مسلم عند العقلاء ولا يعلم أنه ما زال العقلاء والفضلاء من المسلمين وغيرهم يعيبون ذلك ويطعنون فيه وقد صنف نظار المسلمين في ذلك مصنفات متعددة وجمهور المسلمين يعيبونه عيبا مجملا لما يرونه من آثاره ولوازمه الدالة على ما في أهله مما يناقض العلم والإيمان ويفضى بهم الحال إلى أنواع من الجهل والكفر والضلال.

والمقصود هنا أن ما يدعونه من توقف كل مطلوب نظري على مقدمتين لا أكثر ليس كذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015