بدمشق رأى شخص بين الجبلين صورة رجل قد سد ما بين الجبلين وبلغ رأسه راس الجبل وقال أنا الخضر وأنا نقيب الأولياء وقال للرجل الرائي أنت رجل صالح وأنت ولي الله ومد يده إلى فأس كان الرجل نسيه في مكان وهو ذاهب إليه فناوله اياه وكان بينه وبين ذلك المكان نحو ميل ومثل هذه الحكاية كثير.
وكل من قال أنه رأى الخضر وهو صادق أما أن يتخيل له في نفسه أنه رآه ويظل ما في نفسه كان في الخارج كما يقع لكثير من أرباب الرياضات وأما أن يكون جنيا يتصور له بصورة إنسان ليضله وهذا كثير جدا قد علمنا منه ما يطول وصفه وأما أن يكون رأى انسيا ظن أنه الخضر وهو غالط في ظنه فان قال له ذلك الجني أو الإنسي أنه الخضر فيكون قد كذب عليه لا يخرج الصدق في هذا الباب عن هذه الأقسام الثلاثة.
وأما الأحاديث فكثيرة ولهذا لم ينقل عن احد من الصحابة أنه رأى الخضر ولا اجتمع به لأنهم كانوا أكمل علما وإيمانا من غيرهم فلم يكن يمكن الشيطان التلبيس عليهم كما لبس على كثير من العباد ولهذا كثير من الكفار اليهود والنصارى يأتيهم من يظنون أنه الخضر ويحضر في كنائسهم وربما حدثهم بأشياء وإنما هو شيطان جاء إليهم فيضلهم.
ولو كان الخضر حيا لوجب عليه أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيؤمن به ويجاهد معه كما اخذ الله الميثاق على الأنبياء وأتباعهم بقوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} والخضر قد أصلح السفينة لقوم من عرض الناس فكيف لا يكون بين محمد وأصحابه.
وهو أن كان نبيا فنبينا أفضل منه وان لم يكن نبيا فأبو بكر وعمر أفضل منه وهذا مبسوط في موضعه