بطلان القول بأن تعلم المنطق فرض على الكفاية:
ومن قال من المتأخرين: "أن تعلم المنطق فرض على الكفاية" فانه يدل على جهلة بالشرع وجهله بفائدة المنطق وفساد هذا القول معلوم بالاضطرار من دين الإسلام وأجهل منه من قال أنه فرض على الأعيان مع أن كثيرا من هؤلاء ليسوا مقرين بإيجاب ما أوجبه الله ورسوله وتحريم ما حرمه الله ورسوله.
ومعلوم أن أفضل هذه الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين عرفوا ما يجب عليهم وكمل علمهم وإيمانهم قبل أن يعرف منطق اليونان فكيف يقال: أنه لا يوثق بالعلم أن لم يوزن به أو يقال أن فطر بني آدم في الغالب لا تستقيم إلا به.
فان قالوا نحن لا نقول أن الناس يحتاجون إلى اصطلاح المنطق بل إلى المعاني التي توزن بها العلوم قيل لا ريب أن المجهولات لا تعرف إلا بالمعلومات والناس يحتاجون إلى أن يزنوا ما جهلوه بما علموه وهذا من الموازين التي انزلها الله حيث قال الله: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} وقال: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} وهذا موجود عند أمتنا وغير أمتنا ممن لم يسمع قط بمنطق اليونان فعلم أن الأمم غير محتاجة إليه.
ملخص دعاوى أهل المنطق وكذبها:
وهم لا يدعون احتياج الناس إلى نفس ألفاظ اليونان بل يدعون الحاجة إلى المعاني المنطقية التي عبروا عنها بلسانهم وهو كلامهم في المعقولات الثانية فان موضوع المنطق هو المعقولات الثانية من حيث يتوصل بها إلى علم ما لم يعلم فانه ينظر في أحوال المعقولات الثابتة وهي النسب الثابتة للماهيات من حيث هي مطلقة عرض لها أن كانت موصولة إلى تحصيل ما ليس بحاصل أو معينة في ذلك لا على وجه جزئي بل على قانون كلي