الرد علي اللمع (صفحة 221)

شاء الدعاء وأصر عليه فإذن لابد أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - دعا له، فثبت المراد، وقد وجّه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الأعمى بدافع من رحمته، وبحرص منه على أن يستجيب الله تعالى دعاءه فيه، وجّهه إلى النوع الثانى من التوسل المشروع، وهو التوسل بالعمل الصالح، ليجمع له الخير من أطرافه فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو لنفسه، وهذه الأعمال طاعة لله سبحانه وتعالى يقدمها بين يدي دعاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - له، وهي تدخل في قوله تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35].

4 - أن الدعاء الذي علمه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إياه أن يقول: «اللهم فشفعه في» وهذا يستحيل حمله على التوسل بذاته - صلى الله عليه وآله وسلم - أو جاهه أو حقه إذ إن المعنى: «اللهم اقبل شفاعته - صلى الله عليه وآله وسلم - فيّ»، أي اقبل دعاءه في أن ترد علي بصري، والشفاعة لغةً: الدعاء، وهو المراد بالشفاعة الثابتة له - صلى الله عليه وآله وسلم - ولغيره من الأنبياء والصالحين يوم القيامة.

5 - أن مما علمّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الأعمى أن يقوله: «وشفعنى فيه» أي: اقبل شفاعتي، أي دعائي في أن تقبل شفاعته - صلى الله عليه وآله وسلم - أي دعاءه في أن ترد على بصري، هذا الذي لا يمكن أن يفهم من هذه الجملة سواه، ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد؛ لأنها تنسف بيانهم من القواعد وتجتثه من الجذور (?)، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه، ذلك أن شفاعة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في الأعمى مفهومة، ولكن شفاعة الأعمى في الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - كيف تكون؟ لا جواب لذلك عندهم البتة.

6 - أن هذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ودعائه المستجاب وما أظهر الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات، فإنه بدعائه - صلى الله عليه وآله وسلم - لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره.

يتبين مما سبق أن حديث الأعمى إنما يدور حول التوسل بدعائه - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأنه لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015