والقول الثاني: أنه لا بأس باليسير من ذلك كما نُقِل عن ابن عمر أنه كان يتحرى قصد المواضع التي سلكها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - (?) وإن كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد سلكها اتفاقاً لا قصداً ... »، ثم قال شيخ الإسلام إن عمر - رضي الله عنه - لما رجع من حجته رأي الناس ابتدروا المسجد، فقال: «ما هذا؟» قالوا: «مسجد صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فقال: «هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم، اتخذوا آثار أنبيائهم بِيَعاً، من عرضت له الصلاة فليصل ومن لم تعرض له الصلاة فليمض (?)»، وفي رواية عنه: أنه رأي الناس يذهبون مذاهب فقال: «أين يذهب هؤلاء؟»، فقيل: «يا أمير المؤمنين، مسجد صلى فيه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهم يصلون فيه»، فقال: «إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا، كانوا يتبعون آثار أنبيائهم ويتخذونها كنائس وبيعاً فمن أدركته الصلاة منكم في هذه المساجد فليصل، ومن لا فليمض ولا يتعمدها» (?)، وروى ابن وضاح وغيره أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمر بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بيعة الرضوان؛ لأن الناس كانوا يذهبون تحتها، فخاف عمر عليهم الفتنة (?)، ثم قال شيخ الإسلام: «إن ما فعله ابن عمر لم يوافقه عليه أحد من الصحابة فلم ينقل عن الخلفاء الراشدين ولا عن غيرهم من المهاجرين والأنصار أن أحداً منهم كان يتحرى قصد الأمكنة التي نزل فيها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والصواب مع جمهور الصحابة؛ لأن متابعة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تكون بطاعة أمره، وتكون في فعله بأن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله، فإذا قَصَد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - العبادة في مكان كان قَصْد العبادة فيه متابعة له، كقصْد المشاعر والمساجد.
وأما إذا نزل في مكان بحكم الاتفاق لكونه صادف وقت النزول أو غير ذلك مما