حق وَفِي نفس الْأَمر لَيْسَ إِلَّا وجود الْحق جلّ وَعلا انْتهى وَلَا يخفى أَن هَذَا أَيْضا يُشِير إِلَى وحدة الْوُجُود وَهُوَ مُخَالف لما عَلَيْهِ أَرْبَاب الشُّهُود من أَن العابد غير المعبود وَالشَّاهِد غير الْمَشْهُود وَغَايَة الْأَمر أَن ظُهُور الْخلق يخفى أَو يفنى عِنْد نور الْحق كغيبة الْكَوَاكِب الثواقب فِي حَضْرَة شمس الْمَشَارِق والمغارب وَكَذَا شمس الجوانب منخسفة ومنكسفة عِنْد تجلي رب الْمَشَارِق والمغارب فَكُن من الْأَقَارِب لَا من الْأَجَانِب كَيْلا يَقع لَك خطأ فِي تَحْقِيق الْمَرَاتِب
الْعَاشِر قَوْله فِي فص نوح عَلَيْهِ السَّلَام إِن التَّنْزِيه عِنْد أهل الْحَقَائِق فِي التَّوْحِيد عين التَّجْرِيد وَالتَّقْيِيد فالمنزه إِمَّا جَاهِل للرب وَإِمَّا غافل قَلِيل الْأَدَب ثمَّ قَالَ لِأَن الْحق لَهُ فِي كل فَرد من أَفْرَاد الْخلق ظُهُور فَهُوَ الظَّاهِر فِي كل مَفْهُوم وَهُوَ الْبَاطِن عَن كل مَعْلُوم إِلَّا من فهم من قَالَ أَن الْعَالم صُورَة الْحق وهويته هُوَ ظَاهر فِي كل مظهر وماهية ثمَّ قَالَ وَهَكَذَا من شبه وَمَا نزه حَيْثُ جعل الْحق مُقَيّدا ومحدودا وَلم يعرف كَونه معبودا وَمن جمع بَين التَّشْبِيه والتنزيه فِي وصف الْحق فَهُوَ الَّذِي عرف الْحق من بَين الْخلق وَقَالَ فِي فص إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام إِن الْحق المنزه هُوَ الْخلق الْمُشبه وَقَالَ فِي فص إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَلَا تنظر إِلَى الْحق فتعريه عَن الْخلق وَلَا تنظر إِلَى الْخلق فتكسوه سوى الْحق فنزهه وَشبهه وقم فِي مقْعد الصدْق انْتهى وَحَاصِل كَلَامه أَنه ذمّ التَّنْزِيه الْمُجَرّد وَلَا شكّ أَنه قَول يرد حَيْثُ مدح الله سُبْحَانَهُ