فهو اللهُ الرحمنُ الرحيمُ، قريبٌ مجيبٌ متكلمٌ قائلٌ، وشاءٍ مُريدٌ فَعَّالٌ لما يُرِيدُ، الأولُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، والآخِرُ بَعْدَ كُلِّ شَيء، له الأمر مِنْ قَبْلُ ومِنْ بعد، وله الخَلْقُ والأَمْرُ، تبارك اللهُ ربُّ العَالمينَ، وله الأسماءُ الحُسْنَى، يُسبِّحُ له ما في السماواتِ والأرضِ وهو العزيز الحكيم، يَقْبِضُ ويَبْسُطُ، ويَتَكَلَّمُ، ويَرضَى ويَسْخَطُ ويَغْضَبُ، ويُحِبُّ ويَبْغَضُ ويَكْرَهُ، ويَضْحَكُ، ويَأْمُرُ ويَنْهَى، ذو الوجهِ الكريمِ، والسَّمعِ السَّمَيع، والبَصَرِ البَصِير، والكَلاَمِ المُبِينِ، واليَدَيْنِ والقَبْضَتَينِ، والقُدْرَةِ والسُّلْطَانِ، والعَظَمَةِ والعِلمِ الأَزَليِّ، لم يَزَلْ كذلك ولا يَزَال، استوى على عَرشِهِ فَبَانَ مِنْ خَلْقِهِ، لا تَخفَى عليه منهم خَافيةٌ، عِلْمُهُ بهم مُحيطٌ، وبَصَرُهُ فيهم نافِذٌ، ليس كمثله شيءٌ، وهو السَّمِيعُ البَصِير.

فبهذا الربِّ نُؤمِنُ، وإيَّاه نَعْبُدُ، وله نُصلِّي ونَسْجُدُ، فَمَن قَصَدَ بعبادتِهِ إلى إلهٍ بخلافِ هذه الصفات؛ فإنما يَعبدُ غَيْرَ الله، وليس معبودُهُ بإله -كُفْرَانَهُ لا غُفْرانَهُ -.

فَنَشْهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، وأن محمدًا عبدُهُ ورسُوُلُه اصطفاهُ لِوَحْيِهِ وانْتَجَبَهُ لِرِسَالَتِهِ واخْتَارَهُ من خَلْقِهِ لخلْقِهِ، فَأَنْزَلَ عليْهِ كَلامَهُ المُبِين وكِتَابَه العزيز، الذي لا يأتيه البَاطِلُ مِنْ بَيْن يَدَيهِ ولا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد، قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيرَ ذِي عِوَجٍ يهدي للتي هي أقوم، ويبشر [المؤمنين] (?)، فيه نبأُ الأولين وخبرُ الآخرين، لا تنقضي عِبَرُهُ ولا تَفْنَى عَجَائِبُهُ، غير مخلوق ولا منسوب إلى مخلوق، نزل به الروح الأمين على قلبك؛ لتكون من المنذرين، من لدن حكيم عليم.

قال: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)} [النمل:6].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015