هكذا، كَأَنَّه أَعْرَضَ، فقلتُ: أَلَيْسَ كلام اللهِ غير مخلوق؟ قال: نعم، ثم قُلْتُ لَه مَرةً أُخرى، فَقَالَ: نَعَم (?).

(186) حدثنا عبدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا يحْيَى بنُ أَيُّوبَ، عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي جَعْفَر، عَنْ رَجُلٍ مِنْ شُيُوخِ أَهْلِ مِصْرَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عمرِو بنِ العَاص، عن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «القُرآنُ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ السَّماواتِ والأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ» (?).

قال أبو سعيد: فهذا يُنْبِئُك أنه نَفْسَ كَلامِ اللهِ، وأنه غير مخلوق؛ لأن اللهَ - عز وجل - لم يَخْلُقْ كَلامًا إلا عَلَى لِسَانِ مخلوق، فلو كان القرآنُ مخلوقًا -كما يَزْعُم هؤلاءِ المُعَطِّلُون- كان إذًا مِنْ كلامِ المَخْلُوقِين، وكُلُّ هذهِ الرِّوايات والحكايات والشواهد والدلائل، قد جاءت وأكثر منها؛ في أنهُ غَيْرُ مخلوقٍ، ثم إِحَاطَةُ عِلْمِ العُلَمَاءِ وعقولِ العُقَلاءِ بِأَنَّ كلامَ الخَالِقِ لا يَكُونُ مخلوقًا أبدًا، إِذًا كان فِي دَعْوَاهُم قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الكَلامَ مَنْقُوصًا مُضطرًا إِلَى الكلامِ، حتَّى خَلَقَهُ، وكَمُلَتْ رُبُوبِيَّتُهُ وتمَّتْ وَحْدَانِيَتُهُ بمخلوقٍ -في دعواهم-!!!

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015