فإن أَبَيْتُم إلا تَعَلُّقًا بحديثِ مجاهد هذا، واحتجاجًا به دون ما سواه من الآثار؛ فهذا آيةُ شُذُوذِكُم عن الحق، واتباعكم الباطل؛ لأن دعواكم هذه لو صَحَّت عن مجاهد على المعنى الذي تذهبون إليه؛ كان مَدْحُوضً (?) القَوْلُ إِليه، مع هذه الآثار التي قد صَحَّتْ فيه عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، وجماعة التابعين.

أَوَلَسْتُمْ قد زَعَمْتُم أنكم لا تَقْبَلُونَ هذه الآثارَ، ولا تَحْتَجُّونَ بها، فكيف تحتجون بالأثرِ عن مُجاهد إِذْ وَجَدتُّم سبيلًا إلى التَّعَلُّق به لباطلكم على غير بَيَانٍ؟ وتَركْتُم آثَارَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، والتَّابعين؛ إِذْ خَالَفَتْ مَذْهَبَكُم، فَأمَّا إذ أقررتم بِقَبُولِ الأَثرِ عن مجاهد، فقد حَكَمْتُم على أَنْفُسِكُم بقبولِ آثارِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، والتابعين بعدهم؛ لأنكم لم تسمعوا هذا عن مجاهد، بل تَأْثُرُونَه عنه بإسناد، وتَأْثُرُونَ بأسانيد مثلها، أو أَجْوَدَ منها عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وعن أصحابه، والتابعين، ما هو خلافه عندكم، فكيف أَلْزَمْتُم أَنفسكم اتِّبَاعَ المُشْتَبَهِ مِنَ آثارِ مُجَاهِدٍ وَحْدِهِ، وتَركْتُم الصَّحِيحَ المنصوص من آثارِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ونُظَرَاءِ مجاهد من التابعين؟ إلا مِنْ رِيبةٍ وشُذُوذٍ عَن الحَقِّ.

إن الذي يُريدُ الشذوذَ عن الحق يتبعُ الشَّاذَ من قول العلماء، ويتعلق بِزلاتهم، والذي يَؤُمُّ الحقَّ في نفسه، يتبعُ المشهورَ من قول جماعتهم، وينقلب مع جمهورهم، فَهُمَا آيتان بَيِّنَتَان يُسْتَدَلُّ بهما على اتباع الرَّجُلِ، وعلى ابتداعه.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015