والخلاصة: إن رواية الكذاب لحديث ما كان في الحكم عليه بالوضع لخصوص هذه الطريق، وعليه جرى عمل النقاد في الحكم على الحديث بالوضع لرواية أحد الكذابين له، كما فعل ابن الجوزي في "الموضوعات" والسيوطي في "ذيله" ولآلئه وغيرهما.
ولا يخالف هذا ما نقله المؤلف (ص 9) عن الحافظ العراقي "أن مطلق كذب الراوي لا يدل على الوضع" لأنه يعني أنه لا يدل على الوضع قطعًا لاحتمال صدقه ومتابعة غيره له؛ ولكن هذا لا ينفي الحكم عليه بالوضع بطريق الظن الغالب (?) كما سبق عن الحافظ ابن حجر، وبهذا يلتقي قوله مع قول شيخه الحافظ العراقي، والظن الغالب قامت عليه غالب الأحكام الشرعية، ومنه ما نحن فيه، ولا يجوز تركه إلا بدليل أقوى منه، كأن يروي الحديث الذي رواه الكذاب رجل غيره وهو ثقة، فحينئذ يحتج بهذا الحديث، ونقول إنه تبين لنا صدق هذا الكذاب في هذا الحديث لموافقته للثقة، كما أشار لذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث الجني: "صدقك وهو كذوب"! وأما عند فقدان هذا الشاهد الثقة فحديث الكذاب موضوع بلا شك. فقد تبين للقاريء مما سبق من الذي "خالف علم الحديث"؟ !
3 - خروجه عن المحدثين: في قوله أن الحديث الشديد الضعف هو ما تفرد به كذاب! لا أعلم أحدًا سبق المؤلف إلى وصف الحديث الشديد الضعف - (الذي لم يصل إلى رتبة "الموضوع") - بأنه الذي يتفرد به كذاب! بل لا يشك كل من شم رائحة علم الحديث في (وضع) ما تفرد به كذاب، والذي يمنع بعضهم من الجزم بوضعه هو احتمال أن يكون له طريق آخر خير من طريقه؛ أما والبحث فيما تفرد به كذاب فلا شك في وضعة من وجهة اصطلاح المحدثين، وكلام الحافظ ابن حجر المتقدم من أوضح الأدلة على ذلك، والكلام في بطلان كلمة الشيخ هذه طويل الذيل، فلا نطيل المقال بذكره، وإنما يكفي في بيان خطأه في ذلك أنه يسوي بين حديث من هو كذاب، وبين حديث من هو صدوق ولكنه فاحش الخطأ، وهذا مما لا يقول به أحد غير الشيخ! والذي يعتقده العلماء أن حديث الكذاب موضوع، وحديث الفاحش الخطأ ضعيف جدًا كما سبق.
وغالب ظني أن الشيخ أتي مما نقله السيوطي في "التدريب" (ص 108) عن