"ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسبحة ... ".
فإن من البدهي عند الجميع أن الذي ينكر العدَّ بالحصى ينكر العد بالسبحة أيضًا لأنَّهما سواء عند الشيخ وغيره، وعندنا إنكارها من باب أولى، لأن في السبحة من المساوئ ما لا يوجد في العد بالحصى، كما سبق الإشارة إلى ذلك فيا مضى.
وأما ما نقلاه عن ابن حجر -وهو الهيثمي الفقيه، لا العسقلاني المحدث، خلافًا لما أوهموا! "أن حديث سعد السابق أصل صحيح بتجويز السبحة".
فأقول: أثبت العرش ثم انقش! فقد أثبتنا فيما سلف ضعف سند حديث سعد وكذا حديث صفية، على أنه لو ثبت الحديث فلا يصح في نظرنا أن يتخذ أصلًا السبحة لأنها من شعار النصارى، فإننا لا نزال نراهم حتى اليوم يعلقونها على أوساطهم وعليها الصليب، يضاف إلى ذلك أنها كثيرًا ما تكون أداة للرياء والسمعة والتظاهر بالصلاح والتقوى، كالذي يعلقها على رقبته، أو يكورها على يده. كما قلت في الرسالة الأولى من "تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة" (?).
ثم قالا تبعًا لغيرهما: "إن استعمال السبحة في أعداد الأذكار الكثيرة التي يُلهي الاشتغال بها عن التوجه للذكر أفضل من العقد بالأنامل".