يتولون إرشاد النّاس وهدايتهم. فلماذا يحرص هؤلاء على السبعة مع ما في ذلك من "ترك الأفضل الذي هو العقد بالأنامل" كما اعترف بذلك الشيخ في رسالته (ص 15)، وإذا كان حضرته يؤلف رسالة ينتصر فيها للسبحة وهي باعترافه مفضولة فلا توجه فيها بكلمة إِلى أولئك الحريصين -وما يدريني لعل الشيخ نفسه منهم! - يدعوهم فيها إِلَى الإعراض عنها، وينصحهم بالتمسك بما هو الأفضل وهو العقد بالأنامل؟ أم إن الغرض من تأليفها هو -كما يتحدث به البعض- الانتصار لبعض المشايخ من حملة السبح بالرد على ناصر الدين الداعي إِلى إحياء السنة وإماتة البدعة! أرجو أن لا يكون هذا هو غرض الشيخ من تأليفها، وإن كنا نصر على مؤاخذته بإغفاله تلك الكلمة والنصيحة، لأنَّ الرسالة بدونها تعطي نتيجة لا يرضاها الشيخ -فيما أظن- وهي استمرار أولئك على المفضول وهجرهم للفاضل وهذا لا يجوز بلا خلاف أعلمه.
ثم قَالَ الشيخ: "وهل تعلم أحدًا من السلف عادي السبحة معاداتك، بلغك عنه ذلك بإسناد صحيح".
أقول نعم، ألا وهو ابن مسعود رضي الله عنه فقد عادى ما هو دون السبحة وهو العد بالحصى واعتبر الفاعلين متمسكين بذنب ضلالة! كما قدمناه بسند صحيح عنه. {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}؟
ومن التابعين من بالغ في إنكار السبحة إِلَى درجة أن اعتبر فتل الخيط للسبحة مميز منكرًا! فهل في هذا ما هو أبلغ في إنكار السبحة نفسها؟ ! فقد روى الإِمام ابن أَبِي شيبة في "المصنّف" (2/ 89 / 2): نا حميد بن عَبْد الرَّحمن عن حسن عن إبْرَاهِيم ابن المهاجر عن إبْرَاهِيم من كان ينهي ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسبيح التي يُسبّح بها! قلت: وهذا سند جيد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وحسن هو ابن صالح ابن صالح بن حي الثَّوريّ، وإبراهيم هو ابن يزيد النخي الفقيه المشهور المتخرج من مدرسة الإِمام أَبِي حنيفة رحمه الله تعالي.
فإذا كان هذا هو رأي الإِمام المذكور من فتل خيوط السبحة فماذا يكون رأيه في السبحة ذاتها؟ لا شك أَنَّهُ منكر هل أشد الانكار.
ثم قَالَ: "فإذا لم تجد ذلك فمع من أنت".