قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في الآية: " هذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع فيه المسلمون من أصول الدين وفروعه أن يرد المتنازع فيه من ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10] . فما حم به كتاب الله وسنة نبيه وشهد له بالصحة فهو الحق وماذا بعد الحق إلا الضلال، ولهذا قال: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} فدل ذلك على أن من لا يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس بمؤمن بالله واليوم الآخر، وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ} أي التحاكم إلى كتاب الله وسنة نبيه والرجوع في فصل القضاء إليهما: {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} أي وأحسن عاقبة ومآلاً.. "انتهى.
ومن المحال أن يأمر الله سبحانه بالتحاكم إلى ما لا يفصل النزاع ويحكي عن بعض الضلال أنه يقول: نحن مقلدون ولسنا داخلين تحت هذه الآية ونحوها. فيقال له يلزمك هذا في جميع خطاب القرآن كقوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأنفال: 1] و {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 3] ، {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 155] وغير ذلك من خطاب القرآن في الأوامر والنواهي فمن زعم أنه ليس داخلاً في ذلك ولا معنياً به فلا شك في كفره ومن أعظم مكايد الشيطان لكثير من الناس ـ خصوصاً من ينسب إلى علم ـ أن حال بينهم وبين تدبر القرآن وتفهمه خصوصاً فيما تضمنه من أدلة التوحيد وسائر أصول الدين التي لا يجوز التقليد فيها عند عامة العلماء فإذا علم أنه لا يجوز التقليد تعين