أن ينظر أحدهما إلى عورة الآخر أو إلى ما ليس بعورة ولكن بشهوة أو يخشى الفتنة كما تقدم عن ابن عبد البر وغيره وقد تقدمت أقوالهم في بعض البحوث المتقدمة وسأجمعها لك قريبا إن شاء الله تعالى
ثم رأيت للحافظ ابن القطان كلاما قويا جدا - لم أره لغيره من أهل العلم - يوافق ما ذكرته من الإنصاف من جهة ويلتقي في النهاية مع أقوالهم المشار إليها من جهة أخرى فرأيت أن لا أفوت على القراء فائدتها فقال C في كتابه (ق 54 / 2) :
وقد قدمناه في مواضع أن إجازة الإظهار دليل على إجازة النظر فإذا نحن قلنا: يجوز للمرأة أن تبدي وجهها وكفيها لكل أحد على غير وجه التبرج من غير ضرورة لكون ذلك مما ظهر من زينتها ومما يشق تعاهده بالستر في حال المهنة فقد جاز للناس النظر إلى ذلك منها لأنه لو كان النظر ممنوعا مع أنه يجوز لها الإبداء كان ذلك معاونة على إثم وتعريضا للمعصية وإيقاعا في الفتنة بمثابة تناول الميتة للآكل غير المضطر فمن قال من الفقهاء بجواز الابداء فهو غير محتاج إلى إقامة دليل على جواز النظر وكذلك ينبغي أن يكون من لم يجز للمرأة الإبداء والإظهار غير محتاج إلى إقامة الدليل على تحريم النظر وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها فإذن النظر إلى ذلك جائز لكن بشرط أن لا يخاف الفتنة وأن لا يقصد اللذة أما إذا قصد اللذة فلا نزاع في التحريم
[115]