الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ» وقال صلى الله عليه وسلم أيضا «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله». وقد تقدم إيراد هذين الحديثين (?) وذكر من رواهما وصححهما من الأئمة, وفيهما أبلغ رد على المؤلف لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على التمسك بسنته وهي تشمل أقواله وأفعاله. ومن فرق بين أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله فآمن بالأفعال وأنكر الأقوال فهو ممن آمن ببعض السنة وكفر ببعضها. وإيمانه بالأفعال مع إنكاره للأقوال لا ينفعه إذ لا بد من الإيمان بهما معا, وقد تقدم في الفصل الأول في هذا الكتاب (?) قول البربهاري, من رد حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رد الأثر كله وهو كافر بالله العظيم.
الوجه الرابع أن الله تعالى قال في صفة رسوله صلى الله عليه وسلم (وما ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى) وقال تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وفي هذه الآيات أوضح دليل على أنه يجب على المسلمين قبول ما جاء في الأحاديث الصحيحة من بيان صفات الله تعالى وأفعاله وأقداره وتصريفه لأمور خلقه وما جاء فيها من الإِخبار عن العالم العلوي والروح وأحوال ما بعد الموت وغير ذلك من أمور الغيب وعن أحوال النبيين وأممهم وعن رؤية الجن واتصالهم ببني آدم. فكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بنقل الثقات الأثبات فهو حق يجب قبوله ولا يجوز رد شيء منه ولو كان زائداً على ما جاء في القرآن إلا إذا عارضه ما هو أصح منه من الأحاديث. ومن رد شيئاً مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد رد على الله أمره في قوله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ولم يصدق بما أخبر الله به عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ما ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى.
الوجه الخامس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبر عن موعد الساعة البتة. ولما قال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم اخبرني عن الساعة قال «ما المسؤل عنها بأعلم من السائل» رواه الإِمام أحمد ومسلم وأهل السنن من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.