الوجه الرابع أن يقال ما ذكر في صحيح البخاري وغيره من الصحاح من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وخوارق العادات فقد غشى السيرة النبوية بأحسن الغشاء وأجمله كما لا يخفى على أهل العلم النافع والعقول السليمة, وليس الأمر على ما قاله من أعمى الله قلبه فزعم أن ذلك قد غشى السيرة النبوية بغشائه القبيح. وجوابنا عن هذه الفرية أن نقول (سبحانك هذا بهتان عظيم) (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا).

الوجه الخامس أن يقال قد تعرض المؤلف للعقاب الشديد على معارضته لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتكذيبه لمعجزاته وكراماته وتسميتها قصصا خيالية وخوارق خرافية. ولو أنه أعرض عن الكتابة في هذا الموضوع لكان خيراً له وأحرى لسلامته.

الوجه السادس أن يقال إن معاندة المؤلف للأحاديث الصحيحة وإعلانه الصيحة واللغو في معارضتها شبيه بمعاندة الكفار للقرآن ولغوهم في معارضته قال الله تعالى (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون. فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديداً ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون. ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون).

الوجه السابع أن يقال إن الله تبارك وتعالى قد صان الصحيحين من دس الإسرائيليين ومن كل ما يشوه دين الإسلام من الوثنية وقبيح الباطل وبطلان التخريف. ولكن المؤلف هو الذي أراد الدس على المسلمين وتشكيكهم في الأحاديث الصحيحة فهو في الحقيقة شر على الإسلام والمسلمين من الإسرائيليين ومن غيرهم من أعداء الله تعالى.

الوجه الثامن أن يقال إن كتب السنة كانت محترمة عند علماء أهل السنة والجماعة منذ زمان تأليفها إلى أثناء القرن الرابع عشر من الهجرة فحينئذ ظهرت فئة من تلاميذ الإفرنج ومقلديهم والمتزلفين إليهم بالطعن في الأحاديث الصحيحة والتشكيك فيها. ومنهم المؤلف وأبو رية وبعض مشايخه الذين بثوا في المسلمين كثيرا مما يراه الإفرنج ويعتقدونه مما هو مخالف للقرآن والأحاديث الصحيحة. وقد تنوعت طرق طعنهم في الأحاديث الصحيحة فتارة يطعنون فيها بأنها تخالف القرآن. وإنما يقولون ذلك لقصور فهمهم للأحاديث الصحيحة وحملهم القرآن على غير محامله. وتارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015